Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
4 septembre 2010 6 04 /09 /septembre /2010 03:42

المحور الثالث:       منطق الفلسفة

مدخل : 

  يقول الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط Kant    :  “لا يمكن تعلم الفلسفة بل يمكننا فقط تعلم التفلسف”. إذا تأملنا في عبارة كانط تبين لنا أنه يميز بين الفلسفة و التفلسف؛ فالفلسفة لا يمكن تعلمها لأنها صرح لم يكتمل بعد، ما دام أنه دائما يظهر فلاسفة  يضيفون لبنات جديدة إلى هذا الصرح. أما التفلسف فيمكن  تعلمه، لأنه يشير إلى الطريقة وإلى الأدوات العقلية التي يستخدمها هذا الفيلسوف أو ذاك في ممارسته الفكرية الفلسفية.

إن للفلسفة إذا منطق للتفكير خاص بها، أي أن لها أدوات عقلية يستخدمها الفلاسفة في التفكير. و غرضنا في هذا المحور هو اكتشاف بعض تلك الأدوات من أجل أن نستخدمها نحن بدورنا في التعامل مع وضعيات جديدة.

I    - أدوات فعل التفلسف :

-         نص كارل ياسبرزKarl. Jaspers     ص 42 – 43:

-         فهم النص :     

1-     أ- يبدأ النص بشرح الأصل الذي انبثق منه الدافع إلى التفلسف، و المقصود بالأصل هنا هو بداية التفلسف في أي زمان و في أي مكان.

ب – و هكذا يتحدث النص عن بداية نظرية للفلسفة لا تنحصر في زمان أو مكان معين، بل ترتبط بممارسة التفكير النظري في أي زمان و مكان .

 2- أ- يعني الأصل في تجل من تجلياته الدهشة، و هي أولى عمليات الفكر التي تربط الفيلسوف بالعالم الخارجي؛ إنها علاقة الغرابة أو التعجب بين الإنسان و أشياء العالم.

 ب- يعني الأصل في تجل من تجلياته الشك، و هو الخطوة الأولى لفحص الأفكار و المعتقدات و نقدها من أجل الوصول إلى الحقيقة.

ج – يعني الأصل في تجل ثالث من تجليا ته التساؤل حول الذات و حول العالم، من أجل استكناه أسرارهما و البحث عن خفايا هما .

3- تعتبر هذه التجليات أدوات للتفلسف، لأنها أدوات تمكن الفيلسوف من إنتاج معرفة خاصة غير مرتبط بالمعرفة العملية النفعية، كما أنها تمكنه أيضا من بناء معرفة حول نفسه.

الدهشة و الشك و السؤال أدوات عقلية هي  مثلت الأصل الذي انبثق عنه التفكير الفلسفي.

-إن الأصل الذي تحدث عنه النص، و الذي يتجلى أساسا في الدهشة، تصبح معه الفلسفة أمرا جوهريا، لأن الدافع إلى التفلسف كأصل موجود دائما في الحاضر و في الماضي .

- العلاقة الموجودة بين الدهشة و الشعور بالجهل، هي علاقة تكشف من خلالها الدهشة عن جهل الإنسان بحقيقة الظواهر و تدفعه إلى البحث عن المعرفة. إن الدهشة الفلسفية ليست انفعالا نفسيا مرتبطا بالعواطف و المشاكل، بل هي موقف عقلي تنبثق عنه أسئلة عقلية حول ظواهر الوجود. كما أن الدهشة الفلسفية هي خطوة من أجل البحث عن الحقيقة، و لذلك فهي لا تجعل الفيلسوف في موقف الحيرة الدائمة.

- إن الشك المنهجي هو أداة من أدوات التفلسف، و هو خطوة أساسية للوصول إلى الحقيقة؛ فعبر الشك يعمل الفيلسوف على نقد  المعارف و فحصها من أجل التأكد من مدى صحتها. و قد ارتبط الشك المنهجي باسم الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي شك في كل شيء ما عدا انه يشك، و مادام الشك نوع من التفكير فقد توصل ديكارت إلى أنه يفكر. هكذا صاغ عبارته المشهورة : < أنا أفكر أنا موجود >

- إن نتيجة التفكير في الذات من خلال النص تؤدي إلى اكتشاف القدرة على تجاوز الوضعيات الأساسية المحددة للذات.

     يحدثنا صاحب النص عن الأصل الذي ينبثق منه فعل التفلسف سواء في الماضي أو في الحاضر. و يتجلى هذا الأصل أساسا في الدهشة و الشك و التساؤل. هكذا فالدهشة عند أرسطو هي الدافع الأساسي للتفلسف. كما أن ديكارت اعتمد على الشك المنهجي الذي هو مجرد خطوة أو طريقة يسلكها الفيلسوف من أجل البلوغ إلى الحقيقة. أما التساؤل حول الذات فهو تجاوز الوضعيات الأساسية المحددة لها.

 

II    - السؤال في الفلسفة :

 نص طه عبد الرحمان ص 44-45:     

 أ- اشتهرت الفلسفة بممارسة السؤال و يحدثنا طه  عبد الرحمان عن شكلين من أشكال السؤال الفلسفي:

- السؤال الفلسفي اليوناني القديم الذي كان يعتمد على الفحص، و الذي جسده سقراط الذي كان يعتمد في ذلك على الحوار و طرح الأسئلة على المحاور من أجل تفنيد أفكاره و اعتقاداته.

- السؤال الفلسفي الأروبي الحديث : الذي كان يعتمد على النقد، و الذي جسده كانط بحيث أن النقد كان ينصب حول الشروط التي تجعل المعرفة ممكنة.

 – اعتبر صاحب النص القرن 18 قرن النقد، لأن الفلسفة جعلت العقل نفسه موضع تساؤل؛ فلم تتساءل عن إنتاجات العقل المعرفية و إنما تساءلت عن الشروط التي تجعل المعرفة ممكنة، كما تساءلت عن حدود العقل.

     الإطار المفاهيمي :

1- اشتهر التفكير الفلسفي بممارسته لأشكال متنوعة من السؤال.و قد كان ذلك من أجل بناء معرفة جديدة حول الإنسان و العالم ، و لأن كل جواب في الفلسفة يتحول بدوره إلى سؤال جديد تنبثق عنه أجوبة جديدة، وهكذا دوليك.

2- يرتبط السؤال الفلسفي اليوناني ، باعتباره سؤالا عاما حول مفاهيم أخلاقية مثل ( ماهي الفضيلة)، بالأسئلة الجزئية التي تعمل على تفكيك و تحليل السؤال العام من أجل توسيع مجال المشكلة المطروحة.

3- يتميز سؤال النقد عن سؤال الفحص، بأنه يذهب بالمتسائل إلى البحث في شروط قيام المعرفة، و معنى ذلك التساؤل عن العقل، و عن حدوده، و عن إمكانيته  الذاتية في بلوغ المعرفة.

4- سمي القرن 18 بأنه قرن النقد لأنه أضحى ممارسة شاملة تتوجه إلى المعارف و إلى أدوات و مفاهيم بنائها. و المقصود بالنقد هنا هو ممارسة عقلية تعترف بإمكانات العقل مع وضع حدود لتلك الإمكانات.    

فالعقل يمكنه أن يدرك الأول، بينما يتعذر عليه إدراك الثاني .

فالعقل إذا لا يمكنه أن يعرف الأمور الميتافيزيقية.

   يعتبر السؤال خاصية أساسية من خصائص التفكير الفلسفي في التفكير الفلسفي. و يمكن التمييز بين شكلين من أشكال السؤال في تاريخ الفلسفة :

   - السؤال اليوناني القديم : الذي مثله سقراط و الذي كان يعتمد على الحوار مع الآخر من أجل فحص أفكاره و تفنيدها.

   - السؤال الأوربي الحديث : الذي مثله كانط و الذي يعتمد على نقد العقل و تبيان إمكانياته و حدوده في المعرفة.

    الإطار الحجاجي :

لقد أكد صاحب النص على اشتهار الفلسفة بالسؤال. و لإثبات هذه الفكرة اعتمد على آلية حجاجية و هي تقسيم السؤال من أجل إبراز أنواعه و مميزاته.

- يتميز التفكير الفلسفي بمجموعة من الخصائص  يمكن الكشف عنها من خلال الرجوع إلى مفهوم الأصل، أي إلى الدوافع التي أدت إلى التفلسف. و في هذا الإطار اعتبر أرسطو أن الدهشة هي التي دفعت الناس للتفلسف. كما يعتمد التفكير الفلسفي على الشك كخطوة رئيسية لبلوغ المعرفة، و هو ما يسمى بالشك المنهجي. و للشك علاقة بالسؤال الذي اتخذ عدة أشكال في تاريخ الفلسفة من أهمها شكلين رئيسين هما :

    - السؤال السقراطي : الذي يقوم على الفحص.

    - السؤال الكانطي : الذي يعتمد على النقد.

 

Partager cet article
Repost0
19 février 2010 5 19 /02 /février /2010 11:16

الساعة تشير إلى تمام منتصف النهار، الجو حار جدا، التكبير و التهليل يحول الحرم الجامعي إلى ما يشبه الحرم المكي..يتقدم الزعيم النقابي "كبور" الجموع في يده بوق صغير، يمتطي كرسيا...لا يسعد بطلعته كل الإخوة فيمتطي الجدار، يبدأ في النفير.. يدعوا الأخوات إلى التراجع

-بعد قليل سنقتحم إدارة الحي

...تتوتر الأجواء، في الجهة الموالية اصطف "البوليس"..يقترب كبير الاواكس "ع الحق" من "كبور"..طالب جديد بارع في اصطياد الطيور بالمقلاع يحاول اصطياد "الاواكس" فيصيب "كبور".. يسقط صاحبنا في الجهة الأخرى فيصطاده البوليس.

أيار رضوان

Partager cet article
Repost0
19 février 2010 5 19 /02 /février /2010 11:13

فتح بريده الالكتروني ،عشرات الرسائل ، رسالة سهام كانت الأهم بالتأكيد  

 "بعد التحية و السلام

سألتني ذلك اليوم من أكون ،أصغي إلي إذن

...ولدت-و الحمد لله- كما الناس، لي أب حنون وثمان أخوات بنات ،ولي اخوين اثنين، كنت في الترتيب التاسعة ، ضنت أمي في أيام حملها الأولى بي أني مجرد -"كورة"-،تكونت في الرحم لولا الألطاف الإلهية إذن كنت سأجهض حتى قبل التكوين. كل الفضل حسب ما ترويه "خالتي مينة..."بعد الله يعود إلى "خالي أحماد" ربما لذلك أحبه ،أصر على الوالدة أن تحضر معه لعيادة طبيب مختص ،كان متأكدا ربما بحاسته السادسة أني أنا كومة اللحم التي ينوون استئصالها...

 أنا اليوم-كما تعلم- مولدة اشتغل في دوار ..يلقبونني ب "الطبيبة ديالنا"لذلك فمهمتي لا تقف عند التوليد بل إضافة إلى الحقن و التضميد و محاربة الأمية وأشياء أخرى.. أراعي الأجنة و أحفظهم -إن حفظهم الله- ضد الإجهاض و أعلم أمهاتهم أصول تغذيتهم و رعايتهم قبل الولادة وبعدها ، واعمل جاهدة حتى لا تعتقد أمهاتهم في لحظة ما أنهم كومات لحم وجب التخلص منها، أحسست أن مسؤوليتي أن اجعل روح "خالي احماد" حاضرة هنا في هذا "الدوار". "   

                                                                                                         رضوان ايار

Partager cet article
Repost0
19 février 2010 5 19 /02 /février /2010 11:12

توقفت الحافلة المهترئة في محطتها كالعادة متأخرة بنصف ساعة أو أكثر، لازال أمامي ربع ساعة أخرى من المشي أو الجري حسب ما تقتضيه الظروف،تأبطت حقيبتي و انطلقت أسابق الدراجات و سيارات الأجرة.وصلت متأخرا ولم تكن طبعا المرة الأولى فقد اعتاد الجميع على هوية آخر من يلتحق ، ليس من عادة مدير المؤسسة أن يمطرني توبيخا لكن فقط عيناه كانت توحي بذلك دوما. صعدت إلى قاعتي في الطابق العلوي وهناك لم أجد سوى تلميذة واحدة... انزوت وحدها في ركن القاعة، ووكأنها في حديقة عمومية شرعت في الغناء بصوت مسموع .كنت متعبا من كثرة المسير مع ذلك لم أشأ أن أزعج هدوءها فتسمرت قرب الباب دون حراك علي استمتع بالمشهد أكثر.استمرت في الغناء،مسكينة كانت تعتقد أنها وحيدة فعلا، بين يديها على ما يبدو البوم صور تقلب صفحاته على مهل و في كل مرة كانت تطلق تنهيدة طويلة جدا وتعود بعدها للغناء من جديد، في لحظة طائشة رق قلبي لحالها ولحالي فتنهدت أنا أيضا .

-سمح لي ا أستاذ ما شفتكش

-ما شي مشكل

جلست التقط أنفاسي. تشتت تفكيري، فمرة أفكر في ما يمكن ان يكون استهلالا لدرس اليوم و مرة أفكر في طريقة تمكنني من توفير ثمن السيارة التي ستزيح عني احراجات "الاوطوسطوب"  وتراكل الفلاحين صبيحة كل سوق أسبوعي.....

دخل التلاميذ فرادى و جماعات، جلهم تأخروا. صراحة لا أعرف ماذا أصاب هذا الجيل إحساس بالغربة يجسدها هندامه ،فوران عاطفي وطاقة ليبيدية عصية على الفهم بالأحرى التحكم،  بعضهم يسوق دراجات نارية ضخمة على عجلة واحدة ، وبعضهم يرقص على رأسه في جو من التصفيق و الحشيش والموسيقى الصاخبة، إدمان وسب للرب و أشياء أخرى...أتذكر يوم قال "جاك شيراك" أن ليس هناك أصعب من خروج المراهق إلى الشارع للاحتجاج ، عجيب ،مراهقينا يحتجون كل يوم و في كل مكان إذن بلا مبالاتهم و بقيمهم المستوردة ولا أحد يفهم الرسائل...كلفت أحدهم بمسح السبورة وكتابة التاريخ و عنوان الدرس و بالصدفة اكتشفت لماذا كان أساتذتنا يصرون كل صباح على أن يتقدم احدنا إلى السبورة لتسجيل تاريخ اليوم. كنت اعتقد أيام "المدرسة المركزية"و "أسي بنسالم" أن الأمر لا يتجاوز كونه رغبة من المدرس في إشراكنا في بناء الدرس. لكن يبدو أن الأمر غير ذلك مطلقا، ربما قد يتعلق الأمر فعلا بنسيان دائم و متواصل للتاريخ، ورغبة لبقة في التذكر. ما جعلني ابلغ هذا الاستنتاج أني هذا الصباح وقفت مشدوها حينما كتب احد تلامذتي تاريخا لم أكن أتوقعه.استغربت كل تلك الفطنة التي حباه الله بها، كما استغربت كل هذا الشرود والتيه الذي حباني الله به أيضا. أترى الشرود نتيجة لتعب "لانافيت" أم انه خلل فطري و موروث؟ صراحة لا اتفق مع التفسير الأخير فوالدي بشهادة "العدو والصديق" يتميز بذكاء مثير للدهشة فهو غير متعلم ومع ذلك يمتهن إصلاح الأجهزة الالكترونية العادية و "تركاب  البارابولات" و أحيانا حتى إصلاح الحواسيب . و له قدرة خارقة على حفظ الكلمات التي يستعين بها في عمله سواء باللغة الفرنسية أوالانجليزية...لم اشأ ان يسرقني السهو من جديد فلملمت عظامي و قمت إلى السبورة..و بعد تهدئة القوم بدأ درس الفلسفة..

                                                                     رضوان أيار

الفقيه بن صالح

Partager cet article
Repost0
19 février 2010 5 19 /02 /février /2010 11:09

 منذ ذلك اليوم تستفيق كل صباح كملايين المغاربة وفي قلبك حسرة وغصة،لا تعرف صراحة لما كل هذا الحذر و الخوف لما يسكنك القلق الدائم،ربما لأنك ما عدت تثق أن جديدا ما سيطرق بابك على غفلة منك ذات صباح...لم تعد تحيا على أمل "مهد"ما سيحل  يوما و يملئ الدنيا ورودا مختلفة ألوانها وعدلا و سكينة...

في الطريق إلى العمل ترى دوما نفس الوجوه، تراهن أن في قلوب أصحابها حسرة وغصة، و إلا لما تبدو الوجوه مكفهرة و ذابلة هكذا.أحيانا يهز أحدهم رأسه بتثاقل للرد على تحية صباح منك فقط ليتفادى إحراجك أو من باب رد السلام لا أكثر أما في قراره نفسه فيلعن اليوم الذي سكن معك فيه نفس البلد..حينما تهم بدخول قاعة الدرس أو المعمل أو الوكالة أو حيثما قدر الله خبزك، تحاول عبثا تغيير جلبابك و ضبط تنهيداتك حتى لا تنقل للآخرين العدوى ،لكنك في كل مرة تصطدم بأن زفراتهم أشد، ويحدث أحيانا أن تسمع أحدهم يقول خلسة "الصباح الله" أو خلسة أيضا يرمقك بنظرة تشفي..

رأيت ذلك الصباح الجثث المتفحمة،و قرأت كل المقالات و صدرك يكاد ينفجر من الغيظ و الشعور بالغبن و الحكرة و الحقد.الحقد على من أحرق "أولاد الشعب" بدم بارد و الحقد على من خان ثقة الأشلاء المحترقة "بضمير بارد" أيضا.تأملت تساؤلات الصحافة حول أصل الكارثة و قرأت شهادات الشهود ،أولم ير مفتش ما ذات يوم الشبابيك الحديدية و الأبواب التي تقفل ب "التيليكوموند"؟ ..تذكرت يوم كنت تلميذا..يوم كان الحراس العامين يعمدون بعد اقتيادكم إلى قاعات الدرس إلى إقفال الطوابق بأقفال و سلاسل من حديد..و تساءلت أنت أيضا وماذا عن المفتشين التربويين ألم يصادف أحدهم يوما قفلا أو سلسلة من حديد ؟و ماذا عن الخيريات و الداخليات وحتى تلك التي ثاوي الأطر العليا (أساتذة،أطباء وممرضون)،تذكرت أنها أيضا لم تسلم من سياسات "سد تلقى ما تحل" .الاعتقال الجماعي مستشر إذن..تذكرت أيضا ذلك الصباح مطالب النقابات بحوار   مسؤول ،مفتوح ،و شفاف، فكومت الجرائد جانبا و قلت في نفسك كفى المغاربة تهريجا ، إنهم في حاجة ماسة اليوم وقبل غد أينما كانوا إلى أبواب مفتوحة و نوافذ شفافة أولا ..بل وتطل على البحر، عل البحر يطفئ لهب أجسادهم و أفئدتهم في حالة طوارئ ما....وبعد هذا فلينقصوا من ثمن الزيت أو فليذهبوا و زيتهم إلى الجحيم فلن نموت جوعا...سكنك بعدما ارتشفت قهوتك السوداء ودخنت بشراسة سيجارتين وهممت بمغادرة المقهى سؤال غريب ،ماذا عسانا نقول لهم،إنهم الآن في السماء ينظرون إلينا باستغراب ؟ماذا عسانا نقول للأرامل و الأيتام،ولكل من لم يستوعبوا بعد ما وقع؟ أجبت نفسك باستنكار لكن ماذا قلنا قبلهم لسعيدة و زروال..؟أحسست بقطرة عرق بارد تسبح في ظهرك، لكزت نفسك وخرجت من المقهى.....؟؟؟

رضوان ايار

Partager cet article
Repost0
19 février 2010 5 19 /02 /février /2010 11:08

عندما كنت صغيرا أتذكر أن الآباء لم يكونوا هم فقط من يعمل على تربية الأبناء بل كان الكل يربي ،كنا نسمع النصح من الكل و التوبيخ من الكل  بل والصفع من الكل، ولم أسجل يوما أن والدي احتج على جار ما أو جارة ضربتني لسبب من الأسباب بل كان دائما يقول "ولدكم هداك". مثل هذا السلوك جعلنا نؤمن منذ الصغر بضرورة الإنصات لنصح الأكبر سنا و احترامه. كنا نصطف لنقبل يد" جدا وردية "القابلة التي كانت أول من استقبلنا في هذا العالم،  و"السي الفتاوى" إمام المسجد، و"السي محمد خيي" الحجام ،كان يذكرنا دائما  بلحظة الختان وكم كنا نموت من الخوف ونحن نرقب طلعته...كل هؤلاء تحولوا إلى أبطال في عيوننا أطفالا وحتى بعدما شبنا نحن أيضا .

عزي الحسين كان أيضا رمزا ،عرفته رجلا مكدا و مجتهدا علامات الفقر و الكدح بادية عليه، قامته قصيرة و جسده نحيل لكن عظمه شبابي كما يقال،يشتغل في البناء،ينطبق عليه قول الشاعر"يبني القصور و كوخه مهدم"،يسكن بيتا هندسته غريبة جدا، غرفة في "الطابق" السفلي وأخرى في العلوي مع أمتار قليلة مظلمة قرب الدرج نسميها بالأمازيغية "أغدمي" خصصها لنعجتيه،كان يسمي إحداهما"أم كلثوم" والثانية "كوادالوبي" لأنها كانت عرجاء، ورث منه الآخرون هذه التسمية فصارت كل نعاج الحي"أم كلثوم" و"كوادالوبي" ، ما كان يميز هذا الرجل ابتسامته، لم أره قط قلقا أو منزعجا حتى وهو يهم بحفر القبور كان يملئ المكان ضحكا كأنه لا يعبئ بهمه اليومي، كان يدعونا للضحك والابتعاد ما أمكن عن التشاؤم مرددا دائما عبارة جميلة جدا :"أيكف ربي اتامارا لقهرت". لم يكن ممكنا أن يمر يومنا دون تنكيته و مزاحة. ننتظر مجيئه إلى مجالسنا بشغف، تحمل شغبنا الطفولي بعطف دون نظير لذلك أحببناه، وتعرفون ما معنى أن تسكن قلب طفل صغير. زوجته "لا مينة " -في دمنات لا نقول لالة نقول فقط "لا" ربما لذلك يعرف أبنائها بكثرة "التعنتيت"- "الا مينة"كانت على الدوام امرأة رائعة أيضا،عرفت في الحي بضخامة جسمها،سمينة جدا، كان نسوة الحي يترددن كثيرا قبل قبول مرافقتها "للحمام"، منظر الزوجين و هما يمشيان في "القصبة"جنبا إلى جنب يثير دائما الكثير من التعليق ، في كثير من الأحيان تكون السيدة "مينة " موضوع تنكيت زوجها يقارن دائما بين جسديهما ليغرق في ضحك مسترسل.

 كانت هنالك زفرة ترافق باستمرار تنهيداته ،كان يقول دائما بأن:"العيالات يخافوا ما يحشموا"،هو موقف سلبي من المرأة أكيد، و لكن ربما في تاريخ هذا الرجل ما يبرره.

 عزي"-يا سامعي-هي عبارة ود و حب وتقدير يقولها الإنسان الامازيغي عادة إذ يخاطب أخاه الأكبر، والسي الحسين هذا كان بالنسبة لنا الأخ الأكبر

كنت بالكاد في الخامسة عشرة من عمري أو اقل حينما سحبني معه إلى المقبرة، قال لي حينها

-سأجعل منك حفار قبور متميز

- و لما حفار قبور، لما لا تتمنى أن تراني معلما مثلا أو طبيبا...

كنت خائفا جدا، رسم بقطعة جبس على الأرض معالم القبر ثم ناولني الفأس قائلا:

-"يا الاه وريني الرجلة"

أهوي على الأرض بشراسة أحاول من خلالها أن أغطي على هزيمة نفسية نكراء، الخوف يتلبس جسدي لكن ما باليد حيلة سأصير أضحوكة إذا ما اكتشف أني خائف...بل انه سيحول المشهد إلى نكتة الموسم...

انتهينا من الحفر قبل آذان الظهر، كان أهل المتوفى قد حملوا لنا صينية شاي وزيت و خبز، افرغ كوبا له و كوبا لي ثم قال:

-انظر كم واحدا سيرافق هذه السيدة إلى مثواها الأخير "أسي رضوان" عددهم سيكون قليلا حثما..

-و كأنك تدعي علم الغيب

-الا ا وليدي التجربة علمتني أن"الفرزيات" تشهد عليها حتى الجنائز، كما علمتني ان لا فائدة من الجري المتواصل مادام المرء سينتهي في حفرة لا تسع اثنين..لذلك ادعوك لان تضحك وأن تقول دائما كما أقول أنا "أيش الهم أضونس"

لم أفهم حينها لما حاول عزي الحسين أن يلقنني "فن" حفر القبور لكن ربما الآن بدأت أفهم.....                      

Partager cet article
Repost0
19 février 2010 5 19 /02 /février /2010 11:04
الجامعية لها في لاوعينا قيمة ووزن كبير-قالت- لا أحد منا لم يحلم يوما في نومه و حتى في يقظته أن يصير قاضيا أو أستاذا جامعيا أو محاميا، أليس كذلك؟الم تردد دوما أنك تحلم أن تدرس علم الاجتماع في الجامعة أو في معهد متخصص؟أجب بصراحة

قلت: بلى بالفعل  حلمت بذلك...

لهذا سعينا يا صاحبي إلى التهام الكتب وتحصيل الشهادات بكل ما أوتينا من قوة و صبر و رباطة جأش ،تحملنا جوع الجامعة و هزاله المنحة و لهيب شهر يونيو المعظم ،و ما أدراك ما حرارة يونيو مراكش... ألازلت تذكر حينما كنا نقتسم نصف "باريزيانا "أنا و أنت وإبراهيم،وحينما كنا نصطف شهر رمضان أمام بائعة "الحريرة" و في يد كل طالب "كوكوته"،أتذكر،كان الطلبة يعيبون علينا نحن البنات اصطفافنا معهم ،لكن "ما حاس بالمزود..." ...بئيسة تلك الأيام يا صاحبي أليس كذلك؟

استمر ارقبها وهي تتحدث بلهفة و توثر واضح،افتقدتها زمنا طويلا واليوم كنت محظوظا جدا وجدتها في محطة القطار صدفة، كانت تنوي السفر إلى طنجة، وعدتها إحدى صديقاتها بالتوسط لها للعمل في إحدى الشركات. سحبتها من يدها دون نقاش و ألغيت أيضا سفري ، في باب البيت فاجأت زوجتي و قد عدت و في يدي امرأة، قلت بكل برود لا أشاء تضييع الفرصة سأنصت الليلة لصديقة قديمة حتى الصباح

-ايه رضوان أتذكر كم صبرنا رغما عنا على حماقات بعض المنتسبين عنوة إلى أسرة التعليم العالي و خاصة فترة الامتحانات الشفوية،أتذكر يوم "أمر"(...) إحدى الطالبات أن تخلع نعليها عند مدخل قاعة الامتحان؟

- لن أنسى ذلك ما حييت

- أتذكر ردة فعلها..مسكينة امتثلت لأمره فطالبها بان تلبسها من جديد و تنصرف، ودعاها لتهيئ نفسها وأهلها للرسوب لأنه لا يقبل –وكأنه ورث الجامعة عن أمه-إنسانا ضعيف الشخصية في السنة الموالية

- أتذكر هذا جيدا، كان مشهدا سخيفا في عمل مسرحي غير ناضج

- تم أتذكر يوم دعاك أستاذ ال(...)لأن توقع في محضر الامتحان حتى قبل إجرائه

- بكل تأكيد، و عندما لاحظ أني وقعت بالفرنسية رمى بطاقة تعريفي جهة الباب و قال إني أستحق الرسوب لأني –في اعتقاده- تنكرت لديني و وطني

- عجيب أن تقاس الوطنية بهذه التفاهات. و ما يحز في نفسي إلى الآن يا رضوان هو يوم سألني أحدهم عن المنطقة التي أنتسب إليها و عندما أجبته سألني عن ثمن "الماحيا" هذه الأيام، و كأني في اعتقاده "بزناسة"

- أعرفه كان وقحا

الغريب يا صاحبي أننا تماما كما قال بيير بورديو حينما نحصل على هذه الشهادات يبدو لنا جليا كيف أنها تافهة جدا و حتى دون قيمة تذكر و إلا لم وجدنا أنفسنا في الشارع "لا شغلا و لا مشغالا" فادح مصيرنا يا صاحبي.. أحيانا نسابق عاملات البيوت لاصطياد زبونة محتملة،- من أجل "دريهمات" أقسم لك أني أقوم بكل أعمال الكنس و الغسل و"التخمال"، من أجل "دريهمات" تمسح المتعجرفات بشهاداتنا الأرض كل يوم-

وهل تتذكرين أيام "السيمي"يا فاطمة ، أقاطعها علها تستعيد مشاهد مضحكة بدل هذا الكشكول من الماسي

ايه أنا"بعدا"تجربتي معهم أغنى، فلم اسلم من عصيهم و لا ألسنهم في الجامعة ولا حتى مع المعطلين  ..ذات يوم قطع أوصالي أحدهم،قال لي إني لم أعد صالحة لأي شيء ...

- ماذا كان يقصد هذا الوغد؟ أحقا لم أعد أنفع لدور الحبيبة أو الزوجة؟ماذا ينقصني في نظرك يا رضوان ؟أفعلا لم أعد جميلة كما كنت؟تكلم ،لا تصمت، صمتك يتعبني،كنت تقول أيام الثانوية إني الأجمل من بين كل النساء..ما رأيك الآن؟

- لم تنتظر أن أجيب بل واصلت بنفس النبرة

- حتى إن كلامه يعني أيضا أني لا أليق كأم ..كم كان قاسيا هذا الحقير..كنت أعتقد أن شهاداتي ستجعل مني عملاقة فإذا بي قزمة في نظر نفسي وحتى في نظر الآخرين ...أحيانا اتفق مع أطروحة أني لا أليق لأي شيء فعلا، فحتى الحب لم يعد بالنسبة لي -كما لدى كل امرأة- شعورا بلا نظير..أستغرب كل هؤلاء الذين يسعون خلفه لاهثين ،يبحثون بكل إلحاح عمن يستحق حبهم ،حتى أنهم عندما لا يجدونه يحبون أول شخص يلتقون به في محطة القطار أو "الطوبيس".

قالت فاطمة هذا و حركت رأسها ذات اليمين و ذات الشمال مطلقة تنهيدة طويلة 

حاولت أن أتدارك الموقف و أدخل على خط الكلام فهذا المونولوج قد يدفع بمحدثتي حد الانهيار فقلت:

- لا عليك فاطمة فقبلك اعتدى "المخازنية" بعصيهم و ألسنهم على دكاترة و مثقفين و حقوقيين و أرامل و عجائز و أطفال... لا تكترثي فصحيح أننا لم نعد نميز بين القزم و العملاق، لكن يكفيك أن صوتك يرعب كل الحاقدين على هذا البلد، و حسبك أننا نحبك.

- إيه اعرف...لولا قلوب الناس لضاقت بي الدنيا،،،،ايه أحب الأغنية التي يقول فيها "مرسيل"كل قلوب الناس جنسيتي فلتسقطوا عني جواز السفر"..أحب هذه الأغنية، ألديك نسخة من هذا الشريط

- ربما ابحثي معي في هذا الصندوق فقد نجده.

Partager cet article
Repost0
19 février 2010 5 19 /02 /février /2010 11:02

كنت أمشي وحيدا شاردا تحت أشعة شمس ملتهبة حينما التقيت صديقا لي لم أره منذ مدة... سألته عن حاله و سألني عن حالي..عانقنا بعضنا بحرارة و مشينا سوية لا نأبه بالشمس تشوي وجوهنا.حدثني عن"تمازيرت" وعن جديد الناس والأمكنة، كنت متلهفا لعذوبة حكيه فسألته عمن ولد و من مات ومن تزوج، عن الثقافة والرياضة و"السياسية" وعن تفاصيل التفاصيل..عرجنا في لحظة على ذكريات كالشهد عشناها معا، تذكرنا بكثير من السخرية ما فات، ضحكنا كثيرا كما اعتدنا أن نضحك، مشينا و مشينا و مشينا إلى أن هدنا الإرهاق فعدنا كما اعتدنا إلى معقل مراهقتنا و شبابنا، عدنا إلى مقهى "أغلال"، دخلنا إليها في قمة الانتشاء، تأملنا الوجوه الحاضرة و استحضرنا الغائبة بكل حسرة و جلسنا نحتسي أكواب شاي معتق ذكرنا بالذي مضى. صديقي هذا كان دائما شابا خجولا جدا، هكذا كان و هكذا هو اليوم أيضا، حينما كان طفلا صغيرا لم يعتد أن يخرج من البيت إلا و يده في يد أمه ،أمه رحمها الله كانت قاسية جدا، ربما لذلك صار هو خجولا،كانت تخرج علينا كالجنية تسب آبائنا و أجدادنا "جد يحفر جد" إذا ما نحن تجرانا على طرق بابه،وكم كانت تتوسل إلينا أن نبتعد عن طريقه و كأنها لم تكن تريده أن يتعلم منا أي شيء،،أي شيء، ربما لأنها كانت تعتبرنا جميعا أصدقاء سوء لا يتعاونون إلا على الإثم و العدوان و "قلة الحيا" بالضرورة، كنا نحسه كالمعتقل لذلك غالبا ما توسلنا أمهاتنا في كل مرة للتدخل في محاولة "للإفراج" عنه لكنها كانت صارمة، صارمة جدا ، وفي كل مرة كانت تجيب بنفس "اللازمة" :
-"الالا اعطيوني التيساع، خليوني نربي ولدي، و كلها يديها فتريكتو و فتامارتوا".
حينما كنا زملاء له في المستوى الابتدائي كانت أمه ترافقه في كل تحركاته، تصعد به الثل في اتجاه المدرسة، تلاحق شغبه كالمجنونة و هو يقفز بين الأحراش ، يجري خلف خراف و ماعز  "دا مبارك" وكأنه يكتشف هذه الحيوانات لأول مرة ،يخترق "أحواض" النعناع بكل عبث الدنيا ،يلطخ ملابسه، يفجر حرمانه،وأحيانا يجري بكل قواه نزولا في اتجاه الوادي،تلاحقه تهديداتها لكنه لا يكترث،تنادي على العم "امبارك":
- "أمز أمز "أدا مبارك" أمزي اويس الحرام" ،لكن العم "امبارك" لا أذن صغت و لا عين ترى"،في كل مر ة كانت  تصرخ في وجهه ب "لازمتها" أما نحن فكنا كل صباح و في كل مساء نتابع الفيلم من بعيد..نتعاطف مع "بطلنا" لأنه صراحة يدوخها ..أتذكر أيضا حينما كنا تلامذة بالإعدادية وحتى في الثانوية كيف كانت تتسمر غير بعيد عن باب المؤسسة كقوات التدخل السريع و ما إن يظهر حتى تنقض عليه و تسحبه من يده في اتجاه البيت..الله يرحمها روح

سألت صديقي ونحن على باب المقهى:

- لو أنك دعيت لإعادة تجربة حياتك، هل كنت ستختار نفس المسارات، يتم و خجل وصراع أيديولوجيات و كل ما استتبع ذلك ؟

-ربما

 -عجيب،،، أتعلم..صراحة لو قدر لي يوما أن أكتب عن طفولتي لربما اخترت لها كعنوان "طفولة بين مزبلتين"، أتذكر كم نقبنا في المزابل بحثا عن مجهول ما؟ أتذكر عندما كنا صغارا جدا، لم تكن الأمهات تجدن أدنى صعوبة في البحث عنا،فنحن إما مرابطون على هضبة "بدوز بن العرابي" و إما في قمة ثل "بدوز بناني"..هل ترضى لأبنائك اليوم طفولة كالتي عشتها؟

ضحك صديقي كثيرا ثم قال بسخريته المعهودة :

- "أو مالها مارديتيش بيها أو لا، كانت أيام زينة.. و بزاف عاد

-و منين جاها الزين؟ قلت و قد اعتلاني الإحباط

- لازلت متشائما كما عرفتك يا صاحبي ، إنها أيامنا كيفما كان الحال لا تتنكر لها، إنها الأيام التي صاغت وعينا ولاوعينا أيضا، لكنه الحرمان فقط من يجعلنا نتصور أننا كنا و لازلنا نركض في مشهد "سيزيفي" مثير للشفقة خلف "انانا" المفتقد  ،وما إن نكتشفه أو ندركه حتى نفقده من جديد ،انه الإحباط لا أكثر من يشعرنا أننا إزاء نكسة الأرنب والجزرة..

-إحباط لا أكثر و هل هناك شعور أقسى من الشعور بالإحباط؟

-الجحود و نكران الجميل أقسى..إنها لعبة ذهنية مسلية فعلا يا صديقي أن تعود بذاكرتك في كل مرة إلى الوراء و أن تساءل نفسك حول مسارات حياتك، هل كنت فعلا مجرد مشروع ،أسست لحياتك بتلقائيتك وعفويتك و بتحديك لذاتك و لشروط حياتك أم انك كنت مجرد دمية ؟ أن تعود لقراءة كتابك لحظة مهمة جدا، مادامت تجعلك تلمس فعلا أن الحال لم يعد هو الحال، و مادامت تزرع في أحشائك بذرة أمل.. لكن احذر أن يوحي لك التذكر بأنك تخلفت عن الركب .. احذر علامات الشيخوخة.

 رضوان أيار

Partager cet article
Repost0
18 février 2010 4 18 /02 /février /2010 11:34
DemnateEspace2.jpg


تكبري ..تكبري

فمهما يكن من جفاك
ستبقين بعيني و قلبي ولحني ملاك
نسيمك عنبر و أرضك سكر
 واني أحبك أكتر
 اه...أكثر..أكثر


Partager cet article
Repost0
9 février 2010 2 09 /02 /février /2010 20:45

إن مسألة الحتمية لا تطرح لدى الفيزيائي كما تطرح لدى الفيلسوف . وفعلا، ليس على الفيزيائي أن يتناولها من جانبها العام و الماورائي ، بل عليه أن يبحث لها عن تعريف دقيق ، في إطار الوقائع التي يدرس . غير أن هذا التعريف الدقيق لا يمكن ، على ما يبدو لنا، أن يرتكز إلاّ على إمكانية توقع صارم لما يحدث في المستقبل من الظواهر. فالفيزيائي يرى أن هناك حتمية حين تمكنه معرفة بعض الوقائع التي تلاحظ في الحاضر، أو لوحظت في أزمنة سابقة ، مقترنة بمعرفة بعض قوانين الطبيعة، من التوقع بشكل قطعي بأن هذه الظاهرة التي يمكن ملاحظتها أو تلك ، ستقع في فترة لاحقة معينة.

إن تعريف الحتمية هذا، القائم على إمكانية توقع الظواهر، يبدو التعريف الأوحد الذي يمكن أن يقبله الفيزيائي لأنه التعريف الوحيد الذي يمكن التثبت منه فعلا. غير أنه ينبغي ألاّ نتجاهل أن تعريف الحتمية الفيزيائية هذا يثير بعض الصعوبات .

أولا، بما أن في الطبيعة تأثيرا كونيا متبادلا، وبما أن حركة أصغر الذرات يمكن أن تتأثر بحركة أبعد الكواكب فان التوقع الصارم بظاهرة ما تقع مستقبلا قد يقتضي مبدئيا معرفة حالة الكون الراهنة معرفة تامة ، وهذا ما لا يمكن تحقيقه .

غير أنه من الواضح أن هذا اعتراض نظري ، لأن توقع ظاهرة ستقع ، يمكن عموما أن نحصل عليه فعلا، بفضل عدد محدود من المعطيات المتعلقة بالحالة الراهنة.

وأهم من هذا الاعتراض ، ذاك الذي يمكن أن نستخلصه مما تتسم به ملاحظاتنا وقياساتنا من طابع تقريبي ضرورة. ولما كانت المعطيات التي توفرها الملاحظة أو القيس تعتريها الأخطاء التجريبية دوما، فان التوقعات التي نستطيع أن نقوم بها انطلاقا من هذه المعطيات الناقصة يعتريها هي الأخرى شيء من عدم الدقة، بحيث إن التثبت من قابلية الظواهر بأن يتم توقعها توقعا صارما والتثبت تبعا لذلك من الحتمية كما حددناها سلفا يظل تثبتا تقريبيا. بيد أن هذا الاعتراض الجديد لا يبدو إلى الآن غير قابل للتذليل لأن دقة ملاحظاتنا وقياساتنا يمكن أن تتحسن ، إما بتجويد الطرق أو بتطوير أساليبنا التجريبية. وإذا تحسنت دقة ملاحظاتنا شيئا فشيئا فإننا نحصل دائما على إمكانية توقع صارمة، ونستطيع أن نعتبر الحتمية قد أقيمت بضرب من التقارب الأقصى.

ويبدو أن لا شيء في الفيزياء الكلاسيكية يتعارض مع فكرة إمكانية توقع الظواهر المستقبلية توقعا يزداد اكتمالا كلما ازدادت أساليبنا في الملاحظة و القيس دقة.


وفي هذا المعنى كان يبدو من المفروض التسليم بالحتمية الفيزيائية قبل تطور معارفنا بشأن الظواهر الكوانطية. غير أن الفيزيائيين ، حين تدرجوا في سلم المقادير نزولا، وتوصلوا إلى دراسة ظواهر عالم الذرة حيث تبين الكوانطات عن وجودها ، أدركوا أن التوجه نحو إمكانية توقع صارم لا يمكن التمادي فيه إلى ما لا نهاية له على أساس دقة متزايدة باطراد لمعطيات الملاحظة و القيس . و فعلا فإننا حين نريد، في المجال الذري ، أن نحصر أكثر فأكثر حالة الأشياء الراهنة كي نتمكن من الإخبار عن الظواهر المستقبلية بدقة أشد، فإننا نصطدم باستحالة الزيادة، في الوقت نفسه ، في دقة المعطيات التي قد نحتاجها. فهنا يكمن ، كما نعلم ، أحد الاستتباعات الأساسية لعلاقات الارتياب التي يعود الفضل فيها إلى هيزنبرغ . ويقدر ما توجه ملاحظاتنا وقياساتنا بشكل يسمح لنا بتدقيق بعض المعطيات ، خسرنا من هذه الجهة بالذات على مستوى الدقة المطلوبة في بعض المعطيات الضرورية الأخرى.

إن تحاليل بور و هيزنبرغ الرفيعة والعميقة تبدو قد نجحت في إثبات هذا الأمر، إذ بينت بوضوح أن هذه الملابسات التي لم يكن الفيزيائيون المتشبعون بالأفكار الكلاسيكية ليتوقعوها بالمرة، هي استتباعات ضرورية لوجود " الكوانطوم الفعل " نفسه . وبما أن " الكوانطوم الفعل " يبدو اليوم إحدى الحقائق الأساسية في الفيزياء على الإطلاق ، فقلما نشك في أن ارتيابات هيزنبرغ ذاتها تكتسي طابعا أساسيا للغاية ، إذ بسببها تصبح عملية التوجه نحو قدرة على التوقع توقعا تاما ( وهي التي كانت تسمح لنا قي الفيزياء القديمة بإقرار وجود حتمية في الظواهر بضرب من العبور إلى الحد الأقصى متعطلة عندما نصل إلى مستوى عالم الذرة، ذاك المستوى الذي يكف فيه " الكوانتوم الفعل " عن أن يكون منعدم القيمة و يبدأ في التدخل فعلا .

 

 

لوي دي بروغلي

" المتصل والمنفصل "

Partager cet article
Repost0